هيكلة المشاريع وتقديم العطاءات في إطار الشراكة بين القطاعين العام والخاص في دولة الإمارات العربية المتحدة

جدول المحتويات

تمثل موافقة دولة الإمارات العربية المتحدة مؤخراً على دليل الشراكة بين القطاعين العام والخاص تقدماً محورياً في جهود التنمية الاستراتيجية للدولة. ويحدد هذا الدليل الشامل المنهجيات والإجراءات الضرورية لتعزيز التعاون الناجح بين الجهات الاتحادية والشركاء من القطاع الخاص. وستقدم هذه المادة تحليلاً متقدماً لهيكلة المشاريع وطرح العطاءات، وتوضيح الدور الحاسم للخبراء الماليين لتكون بمثابة دليل إرشادي للشركات التي تهدف إلى المشاركة في الشراكات بين القطاعين العام والخاص.

النمذجة المالية المتقدمة والعناية الواجبة

تعتبر النمذجة المالية الفعالة والعناية الواجبة الصارمة أساساً لنجاح هيكلة مشاريع الشراكة بين القطاعين العام والخاص. وتضمن هذه العمليات ألا تكون المشاريع قابلة للاستمرار من الناحية المالية فحسب، بل أن تكون قادرة على مواجهة المخاطر المحتملة.

  1. النمذجة المالية:
    • توقعات الإيرادات: وضع توقعات معقدة للإيرادات باستخدام أساليب إحصائية متقدمة. على سبيل المثال، يمكن استخدام عمليات محاكاة مونت كارلو لنمذجة سيناريوهات مختلفة للإيرادات استناداً إلى توزيعات احتمالية تأخذ في الحسبان تقلبات السوق وتقلبات الطلب.
    • تحليل التكاليف: تنفيذ تحليلات شاملة للتكاليف تتضمن تحليلات الحساسية للتنبؤ بأثر التغيرات في التكاليف. وينبغي أن تشمل التفاصيل التفصيلية للتكاليف كلاً من التكاليف المباشرة (مثل مواد البناء والعمالة) والتكاليف غير المباشرة (مثل إدارة المشروع وتكاليف الامتثال).
    • هياكل التمويل: استخدام الأدوات المالية المعقدة لتحسين هيكل رأس المال. يمكن أن توفر هذه الأدوات حلول تمويل مرنة توازن بين الديون وحقوق الملكية، مما يعزز الاستقرار المالي.
  2. العناية الواجبة:
    • تقييم المخاطر: قم بإجراء تقييم شامل للمخاطر باستخدام أدوات مثل مصفوفة المخاطر وتحليل نمط الفشل والآثار (FMEA). تساعد هذه الأدوات في تحديد نقاط الفشل المحتملة وتأثيرها، مما يضمن تقييم جميع المخاطر المالية والتشغيلية والتنظيمية بدقة.
    • المراجعة القانونية والامتثال: الانخراط في مراجعات قانونية مفصلة لضمان الامتثال للوائح الشراكة بين القطاعين العام والخاص في دولة الإمارات العربية المتحدة. ويشمل ذلك تحليل بنود العقد المتعلقة بالقوة القاهرة والتعويض والتحكيم للتخفيف من المخاطر القانونية.
    • الجدوى الفنية: إجراء دراسات جدوى فنية شاملة تتضمن تحليل تكاليف دورة الحياة لتقييم جدوى المشروع على المدى الطويل وتكاليف الصيانة.

هيكلة المعاملات المعقدة

تنطوي هيكلة المعاملات في مشاريع الشراكة بين القطاعين العام والخاص على مفاوضات مفصلة حول الشروط والأحكام لحماية مصالح كل من الكيانات العامة والشركاء من القطاع الخاص.

  1. الاتفاقيات التعاقدية:
    • اتفاقيات مستوى الخدمة (SLAs): وضع اتفاقيات مستوى الخدمة مع مقاييس أداء دقيقة وشروط جزائية لعدم الامتثال. على سبيل المثال، يمكن أن تحدد اتفاقية مستوى الخدمة في شراكة بين القطاعين العام والخاص في مجال الرعاية الصحية المعايير المطلوبة لرعاية المرضى، مع فرض عقوبات مالية في حال عدم الوفاء بهذه المعايير.
    • العقود القائمة على الأداء: تصميم عقود قائمة على الأداء تربط التعويضات بمؤشرات الأداء الرئيسية (KPIs). في مشاريع البنية التحتية، قد يشمل ذلك مقاييس مثل وقت إنجاز المشروع، وجودة البناء، ومعدلات رضا المستخدمين.
  2. المصطلحات المالية:
    • تقاسم الإيرادات: إنشاء نماذج متطورة لتقاسم الإيرادات تأخذ في الحسبان تدفقات الإيرادات المتنوعة وآليات تقاسم المخاطر. ويمكن أن يشمل ذلك اتفاقيات متدرجة لتقاسم الإيرادات حيث يحصل الشريك الخاص على نسبة أعلى من الإيرادات خلال فترات الذروة.
    • آليات الدفع: تحديد هياكل الدفع المعقدة مثل المدفوعات المستندة إلى المعالم البارزة ومدفوعات التوافر. على سبيل المثال، في شراكة بين القطاعين العام والخاص في مجال التعليم، يمكن ربط المدفوعات بتحقيق نتائج التعليم وتوافر البنية التحتية.

عملية تقديم العطاءات

إن عملية تقديم العطاءات المتطورة والشفافة أمر بالغ الأهمية لاختيار الشركاء الأكفاء في مشاريع الشراكة بين القطاعين العام والخاص. ويوفر دليل الشراكات بين القطاعين العام والخاص مبادئ توجيهية مفصلة لضمان العدالة والتنافسية.

  1. طلبات تقديم العروض (RFPs):
    • المواصفات التفصيلية: وضع طلبات تقديم العروض بمواصفات شاملة للمشروع، بما في ذلك المتطلبات الفنية والمعايير المالية ومعايير الاستدامة. على سبيل المثال، قد تتطلب الشراكة بين القطاعين العام والخاص في مجال الطاقة أن يقترح مقدمو العطاءات حلولاً تلبي أهدافاً محددة للطاقة المتجددة.
    • معايير التقييم: وضع معايير تقييم متعددة الأوجه تشمل الكفاءة التقنية والمتانة المالية وإمكانات الابتكار. وزن هذه المعايير باستخدام نهج بطاقة الأداء المتوازن لضمان إجراء تقييم شامل للعروض.
  2. تقييم العطاءات:
    • التقييم الفني: إجراء تقييمات فنية مفصلة باستخدام أفرقة خبراء وعمليات تدقيق من طرف ثالث لضمان الامتثال لمواصفات المشروع. وقد يشمل ذلك زيارات ميدانية وتقييمات للنماذج الأولية في مشاريع البنية التحتية واسعة النطاق.
    • التقييم المالي: إجراء تقييمات مالية متعمقة، بما في ذلك تحليل السيناريوهات واختبار الإجهاد، لضمان تقديم عروض ذات قيمة مقابل المال والاستدامة المالية.
    • التفاوض والترسية: الانخراط في مفاوضات صارمة لتنقيح الشروط والأحكام، بما يضمن المنفعة المتبادلة. وينبغي أن تتضمن عملية الترسية مراحل العرض الأفضل والنهائي (BAFO) لضمان أفضل الشروط.

الاعتبارات التنظيمية والامتثال

إن ضمان الالتزام بالمتطلبات التنظيمية ومتطلبات مكافحة غسل الأموال أمر ضروري في مشاريع الشراكة بين القطاعين العام والخاص. وهذا يتطلب نهجاً شاملاً من الخبراء الماليين.

  1. الامتثال التنظيمي:
    • الالتزام بالقوانين: تنفيذ أطر امتثال قوية تضمن الالتزام بالمعايير القانونية لدولة الإمارات العربية المتحدة. ويشمل ذلك عمليات تدقيق الامتثال المنتظمة والتحديثات المنتظمة لتعكس التغييرات في اللوائح.
    • متطلبات إعداد التقارير: إنشاء آليات مفصلة لإعداد التقارير تضمن الإفصاح الدقيق وفي الوقت المناسب عن تقدم المشروع والأداء المالي وحالة الامتثال.
  2. الامتثال لمكافحة غسيل الأموال:
    • النهج القائم على المخاطر: وضع إطار عمل لمكافحة غسل الأموال قائم على المخاطر يصنف المشاريع على أساس المخاطر التي تنطوي عليها وينفذ تدابير العناية الواجبة المناسبة.
    • إجراءات العناية الواجبة: إجراء إجراءات العناية الواجبة المعززة (EDD) على الشركاء والمعاملات عالية المخاطر، باستخدام بروتوكولات “اعرف عميلك” (KYC) المتقدمة وأنظمة المراقبة المستمرة.
    • المراقبة المستمرة: تنفيذ أنظمة مراقبة متطورة تتعقب المعاملات المالية وأنشطة المشاريع في الوقت الفعلي، باستخدام تقنيات مثل البلوك تشين لتحقيق الشفافية والأمان.

ينطوي التنفيذ الفعال للشراكات بين القطاعين العام والخاص على إمكانات هائلة لدفع عجلة النمو الاقتصادي وتطوير البنية التحتية في دولة الإمارات العربية المتحدة. ومن خلال الاستفادة من الخبرات المالية والالتزام بالمبادئ التوجيهية الموضحة في دليل الشراكة بين القطاعين العام والخاص، يمكن للكيانات العامة والخاصة على حد سواء إقامة شراكات ناجحة تحقق قيمة استثنائية لأصحاب المصلحة. ويمهد هذا التعاون المعقد بين القطاعين العام والخاص الطريق لمستقبل أكثر إشراقاً يتسم بالابتكار والاستدامة والازدهار المشترك.